مرض اللشمانيا
مرض اللشمانيا.. نظرة شاملة
تسببه طفيليات تنتشر في البلاد الحارة والمعتدلة
تعتبر اللشمانيا من الأمراض التي تنتشر في كثير من بلاد العالم، خصوصا البلاد الحارة والمعتدلة، ومن هذه البلاد: السعودية والعراق وسورية. واللشمانيا من الأمراض التي تصيب الحيوانات مثل القوارض والثعالب والكلاب وتنقل العدوى للإنسان. ويقدر عدد المصابين بمرض اللشمانيا نحو 12 مليون شخص على مستوى العالم، إضافة إلى إصابة نحو مليوني إصابة جديدة كل عام، وتتراوح الإصابات من إصابات جلدية خفيفة أو معتدلة إلى إصابات قد تؤدي إلى الوفاة.
تحدثت إلى «صحتك» دكتورة دينا عبد الله زغلول، استشارية ورئيسة وحدة الطفيليات بمختبر مستشفى النور التخصصي بمكة المكرمة مسؤولة التدريب والتعليم بالمختبر المتخصصة بعلم الطفيليات الطبية، وأوضحت أن المراجع العلمية تشير إلى أن طفيليات مرض اللشمانيا Leishmania قد اكتشفت في الهند من قبل العالمين (Leishman) و(Donovan) وذلك في عام 1903، ومن ثم تم إطلاق اسم (ليشمانيا دونوفانى) على هذا النوع من المرض الذي وجد في طحال المصابين، وسميت الحالة المرضية أيضا بأسماء كثيرة، منها حمى دوم دوم(dum dum fever) وحمى كالا أزار (Kala azar).
* مرض طفيلي
* يعتبر مرض اللشمانيا من الطفيليات الانتهازية التي تصيب مرضى نقص المناعة مثل مرضى الإيدز وتكون الاستجابة للعلاج في هذه الحالة ضعيفة. وأضافت دينا زغلول أن طفيلي اللشمانيا أحادي الخلية يحتوى على مكونات خلوية طبيعية: غلاف الخلية، شبكة الإندوبلازم، أنابيب دقيقة (جهاز ميلبيجى)، خويطات، فجوة، نواة، والجسم الحركي (الميتوكوندريا) - وقاعدة سوط مع أو من دون الغشاء المتموج.
واللشمانيا جنس من سوطيات الدم التريبانوسومية تسبب أنواعه طائفة من الأمراض بعضها جلدي cutaneous leishmaniasis، وبعضها جلدي مخاطي، أي يمتد إلى الأغشية المخاطية mucocutaneous leishmaniasis، وبعضها جهازي حشوي visceral leishmaniasis.
* وبائية المرض
* تقول د. دينا زغلول إنه يجب أن تتوافر في المناطق التي يستوطن فيها المرض العناصر الرئيسية التالية:
- مستودعات الطفيلي في الحيوان (الكلاب، القطط، الثعالب، والجرذان).
- ذبابة الرمل الناقلة للمرض.
- الإنسان المصاب.
توجد ذبابة الرمل في حظائر الحيوانات، سقوف المباني، الأماكن المظلمة أو المهجورة، الجدران، الكهوف والأراضي الزراعية. وعندما تمتص أنثى ذبابة الرمل الدم من أحد مستودعات الطفيلي (الكلاب، والقطط، والثعالب، والجرذان) يكون الدم محملا بالطفيلي المسبب لمرض اللشمانيا، الذي يتكاثر في معدة الذبابة ثم ينتقل إلى لعابها، وعند لدغها إنسانا أو حيوانا أو طيرا سليما تقوم الذبابة بحقن طفيليات اللشمانيا في جسمه مسببة المرض. وبمقدور ذبابة الرمل أن تنقل الطفيلي من الحيوان إلي الإنسان أو من الإنسان إلي الإنسان (الكلازار الهندي). وحديثا تم اكتشاف حالات مرض اللشمانيا نتيجة لنقل دم من أشخاص حاملين للمرض.
* الوقاية من العدوى
* نظرا لأن ذبابة الرمل غالبا ما توجد في الجحور والتشققات الموجودة في جذوع الأشجار والصخور وفي الأماكن الظليلة الرطبة أثناء النهار وتنشط الحشرة في وقت الغروب أو في المساء، عليه يتطلب أخذ الاحتياطات اللازمة عند الذهاب إلى الأماكن التي تنتشر فيها ذبابة الرمل لتجنب اللدغ بها، ومنها:
- لبس الملابس التي تغطي أجزاء الجسم أو لبس الحذاء الطويل.
- استخدام الكريمات الطاردة للحشرة.
- استخدام ناموسيات واقية خاصة بحشرة ذبابة الرمل.
- القضاء على القوارض.
- رش المبيدات الحشرية للقضاء على حشرة ذبابة الرمل.
* دورة الحياة
* تقول د. دينا زغلول إن مرض اللشمانيا يتميز بأن لطفيلياته طورين مختلفين خلال دورة حياتها، وكل طور يكون في عائل مختلف:
* طور الأماستيجوت Amastigote: يوجد في خلايا الجهاز الشبكى الأندوثيلى في المونوسايت Monocytes، وفي الخلايا الأكولة Phagocytic cell للعائل الفقاري.
* طور البروماستيجوت Promastigote: ينمو ويتطور في داخل القناة الهضمية لذبابة الرمل. وعندما تثقب ذبابة الرمل جلد العائل المصاب لأخذ الدم للتغذية فإنها تأخذ مع الدم الأماستيجوت، ثم يتحول هذا الطفيلي إلى طور البروماستجوت ذي السوط (وهو الطور المعدي ويكون في القناة الهضمية للحشرة، ويأخذ في الانقسام بسرعة إلى أعداد كبيرة حتى اليوم الثالث، وفي اليوم الرابع أو الخامس يبدأ في الاتجاه إلى أعلى والأمام حتى يصل إلى المعي الأمامي ثم المريء فالبلعوم، حيث تملأه أعداد كبيرة لدرجة أنها تسده تماما، وعندما تجد الذبابة عائلا جديدا فإنها تغرس أجزاء من فمها فيه وتدفع طفيلي اللشمانيا من طور (Promastigote) مع اللعاب إلى داخل جسم العائل وهي تقوم بامتصاص الدم منه.
* فترة الحضانة
* تلتهم عادة الخلايا الأكولة الدفاعية في الجسم البروماستيجوت المحقونة من قبل ذبابة الرمل المصابة وتتحول إلى أماستيجوت (Amastigote) ثم تأخذ بالانقسام طوليا، ونتيجة لتكاثر الطفيلي داخل الخلية الأكولة وبعد أن تمتلئ الخلية بالأماستيجوت فإنها تنفجر، حيث تتحرر أجسام اللشمانيا بين الخلايا لتلتهم من قبل خلايا أكولة جديدة وهكذا تستمر هذه العملية. وتعرف هذه الفترة بفترة الحضانة.
وفي بعض الأحيان، أثناء تحرر الأماستيجوت من الخلايا الأكولة، فإنها تنجرف مع الدم وتنتقل إلى المناطق المفضلة لها وهي خلايا الجهاز الشبكي الأندوثيلى في الطحال والكبد ونخاع العظام والغدد الليمفاوية، كذلك توجد بشكل محدود في الدم وعادة داخل المونوسايت، ونتيجة لهذه الدورة فإن الجسم يفقد عددا كبيرا من الخلايا الأكولة، حيث يبدأ الجسم بإنتاج خلايا مشابهة جديدة. ونتيجة لتكاثر الطفيلي في خلايا الجهاز الشبكي الأندوثيلي، فإن الطحال يزداد في الحجم والوزن وكذلك الكبد، ولكن بدرجة أقل من الطحال.
ومن الأعراض المهمة الأخرى التي تظهر على المريض فقر الدم في الحالات التي تعرف بمرض اللشمانيا الحشوية.
* العلاج
* أوضحت د. دينا زغلول أن الإصابة بداء اللشمانيا الجلدية غالبا ما تشفى تلقائيا دون أي علاج، ويستغرق شفاء هذه التقرحات مدة سنة إلى سنتين، وأحيانا قد تطول إلى أكثر من ذلك، ولكن عندما تترك هذه التقرحات لتشفى تلقائيا فإنه من المحتوم أن تترك ندبات مشوهة، وبالخصوص في منطقة الوجه، وهذه التشوهات غير مرغوب فيها، خصوصا إذا كان المصاب أنثى، ولتجنب حدوث ذلك يجب أن يبدأ العلاج من بداية الإصابة وبأسرع وقت ممكن، قبل أن تتقشر التقرحات كما يلزم التخلص من الإصابة البكتيرية الثانوية ســـريعا.
أما بالنسبة للإصابة بالليشمانيا الحشوية فإنها قد تؤدي إلى موت المصاب إذا ما تركت دون علاج، وكما ذكر سابقا فإن سبب الوفاة غالبا ما يكون الإصابة العارضة بمرض آخر، وأحيانا تعود الإصابة مرة أخرى بعد الشفاء التام بالمعالجة، وهذه الانتكاسة تحدث حتى بعد سنين من فترة العلاج، ولكن معظم حالات اللشمانيا الحشوية تستجيب جيدا للعلاج.
تجدر الإشارة إلى أن وسائل العلاج المتوافرة حاليا كثيرة، ففي حالة الإصابة بالليشمانيا الجلدية، إذا لم تكن التقرحات شديدة، فإنه يمكن معالجتها بالحرارة، أو تعريضها للأشعة، أو الأشعة تحت الحمراء، أو بالتبريد أو بحقن مركبات الأنتيموني الخماسية موضعيا في داخل التقرح.
وقد استخدمت مركبات الأنتيموني الخماسية، مثل ستيبو جليكونات الصوديوم (البنتوستام)، أو ميجلمين أنتيمونيت (جلوكنتام) لعلاج جميع أنواع الليشمانيا، وذلك بحقنها في العضل أو الوريد، أما الحالات التي لا تستجيب لهذا النوع من المعالجة فيمكن استخدام عقاقير أخرى لها مثل بنتامدين أيزوثيونيت، أو أمفوتراسين، أو زرقات الوبيورينول.